البيئة الطبيعية والسيرورة التاريخية

لاشك أن البيئة الطبيعية هي مسرح الاجتماع البشري، ومجال الدينامية والتحرك للتاريخ الانساني. وكثيراً ما تطبع العلاقة المتبادلة بين الطبيعة والانسان السيرورة التاريخية لمجتمع ما؛ من حيث ما تقدمه الطبيعة من عناصر مساعدة أو معاندة، ومن حيث ما يمكن للنشاط الانساني أن يتعامل ويدير هذه العناصر في إطار تثمير إطار الاجتماعي. وقد تدخل هذه العلاقة في إطار السيطرة وما يمكن أن ينتج عن ذلك من حصرية الاقتناء، وبالتالي تحديد المكان الخاص، والاطار السيادي، والدخول في حتمية الصدام والتدافع من أجل مورد هنا، ومساحة هناك، مما يصنع الحدث التاريخي، كمحصلة ونتيجة لتلك العلاقة المتداخلة بين الانسان والبيئة .

وتدخل معالجة جدلية العلاقة بين البيئة الطبيعة والسيرورة التاريخية في إطار التشويق، نظراً لطابع التأثر والتأثير الظاهر بين الطرفين، في نمط من التبادل غير المنقطع. فإذا كانت البيئة الطبيعية تتدخل أحيانا كلاعب في صناعة التاريخ، تعيق تقدمه أو تسهّله، من الملفت أيضا أن السيرورة التاريخية لسلسلة من الأحداث التي يصنعها الانسان، تدخل أيضا كلاعب في تغيير البيئة الطبيعية، ليعود هذا التأثير مجدداً، كرمية "البومرنج" ) Boomerangs ( على السيرورة التاريخية نفسها.