قانون الإضراب واستمرارية المرفق العام
Contributors
Description
يشكل الإضراب أحد أهم الحقوق الاجتماعية التي انتزعتها الطبقة العاملة على مدى سنوات من الصراع على اعتبار أنه الآلية الناجعة لخلق التوازن بين مصالح العمال وأرباب العمل. فالإضراب كشكل احتجاجي ليس وليد العصر الحديث، بل هو سلوك يعود لفترات زمنية قديمة. فقد ظهرت أول الصور الأولى للإضراب كتحرك جماعي في فترة الحضارة الفرعونية إبان تشييد الأهرامات ، فبفعل الظروف القاسية للعمل أضطر العديد من العمال للتكتل في تحرك جماعي متوافق عليه للدفاع عن مطالب أجرية وتحسين ظروف العمل. بمعنى أنه ليس ممارسة حديثة بل ظهرت التمثلات الأولى قبل ظهور الدولة الحديثة أي قبل 3000سنة من عصرنا الحالي.
لكن الصور الأولى للإضراب كرد فعل عمالي منظم ظهر في بأوروبا عام 1229 والذي خاضته هيئة التدريس بجامعة باريس وانتهى بتدخل البابا لتسوية النزاع. حيت منح البابا الحق في الإضراب لهيئة التدريس بجامعة باريس في ثلاث حالات رئيسية[1]. وبعدها بسنوات توالت أنماط وأشكال ممارسات الإضراب وشمل فئات أخرى وصولا إلى الإضرابات العامة التي شهدتها عدة دول خاصة بالمرافق العامة الحيوية. ففي تلك الفترة اعتبرت النقابات منظمات غير قانونية وتم منع جميع أشكال التنظيم، بل وصل الوضع إلى حد تجريم أي اتفاق بين شخصين أو أكثر.
وفي غياب أي حق للتنظيم فإن الطبقة العاملة تصبح فاقدة لكل الآليات الكفيلة للدفاع عن حقوقها ومنها الحق في الإضراب كجزء من الحق النقابي. ورغم هذا الحظر فإنه لم يكن مانعا لحدوث إضرابات عمالية كان لبعضها الأثر الكبير في نجاح ثورات والدفع نحو تغيير توجهات العديد من الأنظمة السياسية. كما أن العديد من هذه الإضرابات قوبلت بالقمع وعوقب ممارسوها بعقوبات جنائية. وهذا التراكم كان له الأثر الإيجابي في إقرار العديد من الحقوق النقابية ومنها الاعتراف بالحق في التجمع والتنظيم. وهو الشيء الذي يسر عملية الاعتراف بباقي الحقوق النقابية ، ومنها الحق في الإضراب لكن بصورة تدريجية وعلى مراحل في تناغم مع تطور الحركة النقابية وطبيعة العلاقات التي كانت تربط العمال مع أرباب العمل وتماشيا مع طبيعة النظام السياسي والتوازنات المجتمعية التي كانت تميز كل مرحلة. خاصة أن الأنظمة القائمة في تلك الحقبة كانت تنظر للإضراب كآلية ضغط يصعب التحكم فيها وكل انفلات يعني تهديد للنظام القائم.
[1]Nathalie Gorochov: "Naissance de l'université, Les écoles de Paris, d'Innocent III à Thomas d'Aquin (1200-1245)". Trois conditions pour faire grève: Si on ne respecte pas la taxation des loyers, c’est-à-dire le fait de limiter les loyers des logements pour les étudiants. Et Si un professeur ou un étudiant est blessé ou tué et si on ne rend pas justice à cette personne.
Files
Additional details
Related works
- Is published in
- Book: 978-9920-9209-5-7 (ISBN)