Published November 12, 2021 | Version v1
Journal article Open

السياق العرفاني للفن الصوفي

  • 1. جامعة الشاذلي بن جديد

Description

يمثل الفن المقدرة على عرض الجماليات بإبداع أوجه تعبير مختلفة من شعر، ورواية، رسم، ‏نحت، معمار، حرف، موسيقى، غناء، تمثيل، أو رقص.‏

فهو تعبير عن فلسفة حياة تصل إليها جماعة بشرية، وتفرزها عادتها بعد تراكم زمني وامتزاج ثقافي ‏مع الغير، فيغدو وسيلة للتعبير والتعريف؛ كما هو وسيلة للتسلية والترفيه.‏

فالفن يمثل الحالة الإنسانية حين الإبداع، والخبرة التأويلية للأفكار، وإشباع الوجدان المعرفي ‏والشعوري، في سعي لتأويل واقع أو التعبير عن أفكار وطرح إشكاليات أو تجلي الشخصية الباطنية ‏في أذواقها الظاهرة. ‏

أوائل الفنون التي كان الفلاسفة والحكماء والمبدعون يجتهدون لاكتسابها هي: فن الخطاب وكسب ‏قلوب الناس بالتعابير البراقة الملهمة للوجدان والمحركة للأذهان. ‏

اقتضى فن التعبير تعلم أساليب البلاغة ونظم الكلام وإلقاء الشعر والتفاعل مع الأمثال والحكم، ‏والتفنن في التناسق الحركي مع الخطاب الكلامي، والإبداع في كتابة الروايات والقصص، وعرض ‏الأفكار في صورة قصصية أو روائية أو تصوير يدوي مجسم أو مخطوط، ليكون لبعضها عرض ‏مسرحي، أو الاستعانة بالموسيقى لإحداث الأثر الإيقاعي المتناسق مع الكلمات الخطابية. باعتمادهم ‏الفن كوسيلة لإيصال رسالة في قالب جمالي مبدع. فهو سعي لتقليد الحقيقة، وإبراز أهمية الأشياء ‏داخليا، لأن الحقيقة كامنة تتجلى بطلبها. وأعظم الفنون نبلا - لدى الحكماء والفلاسفة والمفكرين- ‏هي المحركة للسرور العقلي والمشاعر. ‏

لأجل ذلك ربط أهل الطريقِ العرفانَ بالوجدان؛ في سعيهم وقراءاتهم الكونية للسيرورة الإنسانية ‏نحو سبر مكنونات الإنسان الكمونية، فتوسلوا في الفنون عرض مقاصدهم وإنزال مرادهم العرفاني، ‏والتي تمظهرت بقيام دولا كبرى للصوفية؛ اصطبغت فنونها المعمارية والخطابية والأدبية والدبلوماسية ‏والموسيقية والحرفية بمعالم التصوف، بصفتها أصول قراءة الكون والحياة لديهم.‏

فبرز وتطور السماع الصوفي، ثم الموسيقى والأناشيد الصوفية، والعمارة الصوفية مع الرسم والخط ‏والزخرفة، إلى الأدب الصوفي شعرا ونثرا وقصصا وحكما وغيرها. وأثرت لغة ومفردات الصوفية على ‏الفنون الأدبية والمعمارية والحرفية.‏

‏ لأن مناط تحصيل المعرفة الصوفية قائم على الذوق والتجربة ثم عرضها بكلم رامز، أو التمثيل لها ‏بالقصص والحكم والتصوير التخيلي، فكان طريق الصوفي باحثا في جماليات الذوق الكامنة خلف ‏المظاهر، سعيا لكشف الحقائق الراقية للقلوب. فقارب مناهج ترسيم الفنون وتقييمها، وناسب ‏خطابها ورسائلها وقالب عرضها في مناح كثيرة.‏

وهو ما تجسد في دول السلاجقة والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، ودول المغرب العربي ودول ‏الأندلس وغيرهم، فقد زخرت حضارتهم بالنماذج الفنية ذات الصبغة الصوفية، لغلبة الدين على ‏مجتمعاتها في مناحيه المعيشية والسياسية والفكرية والسلوكية، فاصطبغت به الأعراف والعادات ‏والثقافات، وتجلى ذلك في لغتها ومناهج تفكيرها وحركة مجتمعاتها ومرجعياتها الفكرية والثقافية ‏والعرفية، وفنونها.‏

‏- الكلمات المفتاحية: العرفان، التصوف، الفن، الخيال الفني، الذوق الصوفي.

Files

السياق العرفاني للفن الصوفي.pdf

Files (1.3 MB)